مبادرة السعودية لحل الدولتين- فرصة سلام تاريخية في الشرق الأوسط

المؤلف: منى الدحداح11.15.2025
مبادرة السعودية لحل الدولتين- فرصة سلام تاريخية في الشرق الأوسط

في تحرك دبلوماسي طموح واستثنائي، أطلقت المملكة العربية السعودية مبادرة عالمية مبتكرة، تهدف إلى حشد التأييد الدولي الضروري لتفعيل حل الدولتين في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي المزمن. هذه المبادرة، التي وصفها المحللون السياسيون بأنها "فرصة ذهبية لا تعوض"، تمثل منعطفاً حاسماً ومحتملاً في مسيرة تحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط المضطربة.

تأتي هذه المبادرة الهامة في توقيت بالغ الأهمية، حيث يشهد العالم أجمع تصاعداً ملحوظاً في حدة التوترات الجيوسياسية وتشابكاً معقداً في الأزمات الإقليمية والدولية. وتعد هذه المبادرة بمثابة تتويج لسلسلة طويلة من الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي قادتها المملكة بحكمة واقتدار في السنوات الأخيرة، مما يؤكد على دورها القيادي والمحوري في المنطقة العربية وعلى الساحة الدولية بشكل عام.

يهدف هذا التحالف الاستراتيجي إلى إعادة تنشيط عملية السلام المتوقفة، وتهيئة أرضية خصبة لوضع إطار عمل دولي متكامل ومتفق عليه لتنفيذ حل الدولتين بشكل فعال ومستدام، وذلك عقب اعتراف العديد من الدول بالدولة الفلسطينية المستقلة منذ الخامس عشر من شهر نوفمبر عام 1988، إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى، عندما أعلن الزعيم الراحل ياسر عرفات "قيام دولة فلسطين" وعاصمتها الأبدية القدس الشرقية، وحتى الوقت الراهن.

بعد لحظات قليلة من هذا الإعلان التاريخي، كانت الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية أول دولة عربية بادرت بالاعتراف بدولة فلسطين المستقلة، وخلال أسبوع واحد فقط، تبعتها أكثر من أربعين دولة أخرى، بما في ذلك جمهورية الصين الشعبية، وجمهورية الهند، وجمهورية تركيا، ومعظم الدول العربية الشقيقة، ولاحقاً، انضمت جميع الدول الأفريقية الصديقة ودول الكتلة السوفيتية السابقة إلى قائمة الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية.

وفي عامي 2010 و2011، أعلنت غالبية دول أمريكا الوسطى وأمريكا اللاتينية اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية، وفي عام 2014، أصبحت مملكة السويد أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تعترف رسمياً بـ"دولة فلسطين" بعد جمهوريات التشيك والمجر وبلغاريا ورومانيا وقبرص، وذلك قبل انضمامها الكامل إلى الاتحاد الأوروبي.

وقد أدى الصراع المرير الأخير بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إلى تجدد المطالبات والنداءات الدولية الداعية إلى الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية المستقلة.

وشهدنا أيضاً اعترافات جديدة من دول مثل جمهورية سلوفينيا، حيث أقر برلمانها الوطني مرسوماً تاريخياً للاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما أعلنت كل من مملكة إسبانيا، وجمهورية إيرلندا، ومملكة النرويج اعترافها الرسمي، وانضمت أربع دول كاريبية إلى قائمة الدول المعترفة، وهي: جامايكا، وترينيداد وتوباغو، وبربادوس، وجزر الباهاما.

ووفقاً لبيانات صادرة عن السلطة الفلسطينية، فقد اعترفت حتى الآن 146 دولة من أصل 193 دولة عضواً في منظمة الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية المستقلة.

وعلى الرغم من هذا التقدم الملحوظ، لا تزال معظم الدول الغربية الكبرى تربط اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية بالتوصل إلى حل سلمي شامل وعادل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ عقود طويلة.

ومع ذلك، فإن الدعم الدولي الواسع النطاق والرغبة المتزايدة في إنهاء هذا الصراع المرير يمنحان هذه المبادرة السعودية الجادة فرصة حقيقية وملموسة للنجاح والازدهار.

جاء ذلك عقب إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، عن إطلاق "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين" خلال فعاليات الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك.

وقد أبدت منظمة التعاون الإسلامي دعمها القوي والثابت لمبادرة المملكة العربية السعودية، ووصف السيد حسين إبراهيم طه الأمين العام للمنظمة، هذه المبادرة بأنها "تاريخية ومفصلية" وناشد المجتمع الدولي بأسره للانضمام الفوري إليها، مؤكداً على أن ذلك يسهم بشكل فعال في تثبيت الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه الأصيل في تقرير المصير، وتجسيد إقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة على خطوط الرابع من شهر حزيران عام 1967 وعاصمتها الأبدية القدس الشريف.

وتمثل المبادرة السعودية خطوة جبارة وهامة على طريق تحقيق السلام العادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط، وفتح آفاق واسعة للتعاون الاقتصادي والسياسي المثمر بين الدول العربية وإسرائيل.

ومع ذلك، فإن نجاح هذه المبادرة الطموحة يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، وتجاوز الخلافات العميقة والعمل بروح المسؤولية والتعاون المشترك.

وعلى الفلسطينيين والإسرائيليين أن يغتنموا هذه الفرصة التاريخية الثمينة للوصول إلى حل عادل وشامل ودائم لهذا الصراع الذي طال أمده.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة